الاضطرابُ الوسواس القهري obsessive compulsive disorder (OCD) هو حالةٌ صحية نفسيَّة يُعاني فيها الشخصُ من أفكار وسواسيَّة ومن نشاطٍ قهري.
الوَسواسُ obsession هو أفكارٌ مزعجة غير مرغوب فيها، حيث تسيطر صورةٌ أو رغبة مُلحَّة على عقل الشخص بشكلٍ متكرِّر، ممَّا يؤدِّي إلى شعوره بالقلق أو بالاشمئزاز أو بالاضطراب.
أمَّا السلوكُ القهري compulsion فهو تكرار القيام بعملٍ سلوكي أو نفسي يشعر الشخصُ أنَّه محتاجٌ للقيام به، في محاولةٍ للتخفيف المؤقَّت من مشاعر الانزعاج الناجمة عن الوسواس؛ فمثلاً، قد يشعر الشخصُ، الذي يخشى من تعرُّض منزله للسرقة، بضرورة التأكُّد من إغلاق جميع النوافذ والأبواب عدَّة مرات قبلَ مغادرة المنزل.
يمكن أن تتراوحَ أعراضُ الاضطراب الوسواسي القهري بين المتوسِّطة والشديدة؛ فقد يُعاني بعضُ الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب من التفكير الوسواسي والسلوك القهري حوالى ساعةٍ يومياً، بينما قد تسيطر هذه الحالةُ على حياة البعض الآخر بشكلٍ كامل.
الوسواس القهري (أو: الاضطراب الوسواسي القهري obsessive - compulsive) هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهريّة.
الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون، أحيانًا، واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها، لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر.
في المحصلة، فإن التصرفات القهرية هي، بالنسبة إليهم، إلزامية للتخفيف من الضائقة.، وقد يتمحور اضطراب الوسواس القهري، في أحيان متقاربة، في موضوع معيّن، كالخوف من عدوى الجراثيم، مثلا.
الاضطرابُ الوسواس القهري obsessive compulsive disorder (OCD) هو حالةٌ صحية نفسيَّة يُعاني فيها الشخصُ من أفكار وسواسيَّة ومن نشاطٍ قهري.
الوَسواسُ obsession هو أفكارٌ مزعجة غير مرغوب فيها، حيث تسيطر صورةٌ أو رغبة مُلحَّة على عقل الشخص بشكلٍ متكرِّر، ممَّا يؤدِّي إلى شعوره بالقلق أو بالاشمئزاز أو بالاضطراب.
أمَّا السلوكُ القهري compulsion فهو تكرار القيام بعملٍ سلوكي أو نفسي يشعر الشخصُ أنَّه محتاجٌ للقيام به، في محاولةٍ للتخفيف المؤقَّت من مشاعر الانزعاج الناجمة عن الوسواس؛ فمثلاً، قد يشعر الشخصُ، الذي يخشى من تعرُّض منزله للسرقة، بضرورة التأكُّد من إغلاق جميع النوافذ والأبواب عدَّة مرات قبلَ مغادرة المنزل.
يمكن أن تتراوحَ أعراضُ الاضطراب الوسواسي القهري بين المتوسِّطة والشديدة؛ فقد يُعاني بعضُ الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب من التفكير الوسواسي والسلوك القهري حوالى ساعةٍ يومياً، بينما قد تسيطر هذه الحالةُ على حياة البعض الآخر بشكلٍ كامل.
أسباب الاضطراب الوسواسي القهري
ما زال السببُ الدقيق للاضطراب الوسواسي القهري مجهولاً، إلاَّ أنَّه توجد عدَّةُ عوامل مقترحة قد تكون السببَ في الإصابة بهذا الاضطراب.
فقد تنتقل هذه الحالةُ وراثيَّاً في بعض الحالات، حيث إنَّها قد ترتبط بجيناتٍ وراثيَّةٍ معيَّنة تؤثِّر في تخلُّق الدماغ.
لقد توصَّلت دراساتٌ لصور الدماغ أنَّه قد يكون هناك اختلافٌ بين أدمغة بعض الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري وأدمغة الأشخاص الأصحَّاء؛ فمثلاً، قد يكون هناك نشاطٌ زائدٌ في مناطق معيَّنة من الدماغ، وخصوصاً المناطق التي تتعامل مع الانفعالات القوية وردَّات الفعل تجاهها.
كما أظهرت الدراساتُ وجودَ عدم توازن في مادة السِّيروتونين serotonin في دماغ الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري أيضاً. والسِّيروتونين هو مادةٌ كيميائية يستعملها الدماغُ لنقل المعلومات من خليةٍ دماغيَّةٍ إلى أخرى.
الأشخاص المُعرَّضون للإصابة بالاضطراب الوسواسي القهري
يمكن أن يُصابَ الرجالُ والنساء والأطفال بهذا الاضطراب. وتكون بدايةُ المعاناة من الحالة في بداية مرحلة البلوغ، حيث تبدأ في التأثير في الحياة بشكلٍ كبيرٍ عادةً، رغم أنَّ المشاكل قد تحدث في أيِّ عمر.
الحصول على المساعدة
يتردَّد الأشخاصُ المصابون بالاضطراب الوسواسي القهري كثيراً في طلب المساعدة، لأنَّهم يشعرون بالخجل أو بالحرج؛ إلاَّ أنَّ الاضطرابَ الوسواسي القهري لا يستدعي الشعورَ بالخجل أو بالحرج منه، فهو حالةٌ صحيَّةٌ طويلة الأمد تشبه الإصابةَ بداء السكري أو بالربو، والإصابةُ به ليست ناجمةً عن خطأ الشخص المُصاب.
يُعدُّ طلبُ المساعدة ضروريَّاً، لأنَّه من غير المحتمل أن تتحسَّنَ الأعراضُ من دون علاج، بل ربَّما تتفاقم هذه الأعراض.
يجب مراجعةُ الطبيب عندَ الشكِّ بوجود إصابة بالاضطراب الوسواسي القهري. ويُحتملُ في البداية أن يقومَ الطبيبُ بطرح بعض الأسئلة المتعلِّقة بالأعراض، ومدى تأثيرها في الشخص.
وإذا اشتبه الطبيبُ بوجود الاضطراب الوسواسي القهري، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي لتقييم الحالة، ووصف العلاج المناسب.
معالجة الاضطراب الوسواسي القهري
يكون مآلُ الاضطراب الوسواسي القهري جيِّداً بعدَ معالجته، حيث إنَّ الكثيرَ من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يتعافون في نهاية الأمر، أو إنَّ شدَّةَ الأعراض التي يُعانون منها تنخفض بحيث يتمكَّن الشخصُ من الاستمتاع بنوعيةِ حياةٍ جيدة.
وفيما يلي عرضٌ لعلاجات الاضطراب الوسواسي القهري الرئيسية:
• المعالجة السلوكيَّة المعرفيَّة cognitive behavioural therapy (CBT): تنطوي على استعمال العلاج المعروف بالتعرُّض التدريجي مع الوقاية من ردَّة الفعل graded exposure with response prevention (ERP)، وهذا ما يُشجِّع على مواجهة الخوف ويسمح بحدوث الأفكار الوسواسية من دون "تحييدها أو تعديلها neutralising" بالتصرُّفات القهريَّة.
• مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs) : يمكن أن تساعدَ هذه الأدويةُ على تخفيف شدَّة الأعراض، من خلال تغيير توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
إذا لم تكن هذه العلاجاتُ فعَّالةً، أو كانت الإصابة شديدة، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي بالصحة التفسية لوصف العلاج المناسب.
الوسواس القهري (أو: الاضطراب الوسواسي القهري obsessive - compulsive) هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهريّة.
الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون، أحيانًا، واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها، لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر.
في المحصلة، فإن التصرفات القهرية هي، بالنسبة إليهم، إلزامية للتخفيف من الضائقة.، وقد يتمحور اضطراب الوسواس القهري، في أحيان متقاربة، في موضوع معيّن، كالخوف من عدوى الجراثيم، مثلا.
أسباب الاضطراب الوسواسي القهري
ما زال السببُ الدقيق للاضطراب الوسواسي القهري مجهولاً، إلاَّ أنَّه توجد عدَّةُ عوامل مقترحة قد تكون السببَ في الإصابة بهذا الاضطراب.
فقد تنتقل هذه الحالةُ وراثيَّاً في بعض الحالات، حيث إنَّها قد ترتبط بجيناتٍ وراثيَّةٍ معيَّنة تؤثِّر في تخلُّق الدماغ.
لقد توصَّلت دراساتٌ لصور الدماغ أنَّه قد يكون هناك اختلافٌ بين أدمغة بعض الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري وأدمغة الأشخاص الأصحَّاء؛ فمثلاً، قد يكون هناك نشاطٌ زائدٌ في مناطق معيَّنة من الدماغ، وخصوصاً المناطق التي تتعامل مع الانفعالات القوية وردَّات الفعل تجاهها.
كما أظهرت الدراساتُ وجودَ عدم توازن في مادة السِّيروتونين serotonin في دماغ الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري أيضاً. والسِّيروتونين هو مادةٌ كيميائية يستعملها الدماغُ لنقل المعلومات من خليةٍ دماغيَّةٍ إلى أخرى.
الأشخاص المُعرَّضون للإصابة بالاضطراب الوسواسي القهري
يمكن أن يُصابَ الرجالُ والنساء والأطفال بهذا الاضطراب. وتكون بدايةُ المعاناة من الحالة في بداية مرحلة البلوغ، حيث تبدأ في التأثير في الحياة بشكلٍ كبيرٍ عادةً، رغم أنَّ المشاكل قد تحدث في أيِّ عمر.
الحصول على المساعدة
يتردَّد الأشخاصُ المصابون بالاضطراب الوسواسي القهري كثيراً في طلب المساعدة، لأنَّهم يشعرون بالخجل أو بالحرج؛ إلاَّ أنَّ الاضطرابَ الوسواسي القهري لا يستدعي الشعورَ بالخجل أو بالحرج منه، فهو حالةٌ صحيَّةٌ طويلة الأمد تشبه الإصابةَ بداء السكري أو بالربو، والإصابةُ به ليست ناجمةً عن خطأ الشخص المُصاب.
يُعدُّ طلبُ المساعدة ضروريَّاً، لأنَّه من غير المحتمل أن تتحسَّنَ الأعراضُ من دون علاج، بل ربَّما تتفاقم هذه الأعراض.
يجب مراجعةُ الطبيب عندَ الشكِّ بوجود إصابة بالاضطراب الوسواسي القهري. ويُحتملُ في البداية أن يقومَ الطبيبُ بطرح بعض الأسئلة المتعلِّقة بالأعراض، ومدى تأثيرها في الشخص.
وإذا اشتبه الطبيبُ بوجود الاضطراب الوسواسي القهري، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي لتقييم الحالة، ووصف العلاج المناسب.
معالجة الاضطراب الوسواسي القهري
يكون مآلُ الاضطراب الوسواسي القهري جيِّداً بعدَ معالجته، حيث إنَّ الكثيرَ من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يتعافون في نهاية الأمر، أو إنَّ شدَّةَ الأعراض التي يُعانون منها تنخفض بحيث يتمكَّن الشخصُ من الاستمتاع بنوعيةِ حياةٍ الاضطرابُ الوسواس القهري obsessive compulsive disorder (OCD) هو حالةٌ صحية نفسيَّة يُعاني فيها الشخصُ من أفكار وسواسيَّة ومن نشاطٍ قهري.
الوَسواسُ obsession هو أفكارٌ مزعجة غير مرغوب فيها، حيث تسيطر صورةٌ أو رغبة مُلحَّة على عقل الشخص بشكلٍ متكرِّر، ممَّا يؤدِّي إلى شعوره بالقلق أو بالاشمئزاز أو بالاضطراب.
أمَّا السلوكُ القهري compulsion فهو تكرار القيام بعملٍ سلوكي أو نفسي يشعر الشخصُ أنَّه محتاجٌ للقيام به، في محاولةٍ للتخفيف المؤقَّت من مشاعر الانزعاج الناجمة عن الوسواس؛ فمثلاً، قد يشعر الشخصُ، الذي يخشى من تعرُّض منزله للسرقة، بضرورة التأكُّد من إغلاق جميع النوافذ والأبواب عدَّة مرات قبلَ مغادرة المنزل.
يمكن أن تتراوحَ أعراضُ الاضطراب الوسواسي القهري بين المتوسِّطة والشديدة؛ فقد يُعاني بعضُ الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب من التفكير الوسواسي والسلوك القهري حوالى ساعةٍ يومياً، بينما قد تسيطر هذه الحالةُ على حياة البعض الآخر بشكلٍ كامل.
أسباب الاضطراب الوسواسي القهري
ما زال السببُ الدقيق للاضطراب الوسواسي القهري مجهولاً، إلاَّ أنَّه توجد عدَّةُ عوامل مقترحة قد تكون السببَ في الإصابة بهذا الاضطراب.
فقد تنتقل هذه الحالةُ وراثيَّاً في بعض الحالات، حيث إنَّها قد ترتبط بجيناتٍ وراثيَّةٍ معيَّنة تؤثِّر في تخلُّق الدماغ.
لقد توصَّلت دراساتٌ لصور الدماغ أنَّه قد يكون هناك اختلافٌ بين أدمغة بعض الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري وأدمغة الأشخاص الأصحَّاء؛ فمثلاً، قد يكون هناك نشاطٌ زائدٌ في مناطق معيَّنة من الدماغ، وخصوصاً المناطق التي تتعامل مع الانفعالات القوية وردَّات الفعل تجاهها.
كما أظهرت الدراساتُ وجودَ عدم توازن في مادة السِّيروتونين serotonin في دماغ الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري أيضاً. والسِّيروتونين هو مادةٌ كيميائية يستعملها الدماغُ لنقل المعلومات من خليةٍ دماغيَّةٍ إلى أخرى.
الأشخاص المُعرَّضون للإصابة بالاضطراب الوسواسي القهري
يمكن أن يُصابَ الرجالُ والنساء والأطفال بهذا الاضطراب. وتكون بدايةُ المعاناة من الحالة في بداية مرحلة البلوغ، حيث تبدأ في التأثير في الحياة بشكلٍ كبيرٍ عادةً، رغم أنَّ المشاكل قد تحدث في أيِّ عمر.
الحصول على المساعدة
يتردَّد الأشخاصُ المصابون بالاضطراب الوسواسي القهري كثيراً في طلب المساعدة، لأنَّهم يشعرون بالخجل أو بالحرج؛ إلاَّ أنَّ الاضطرابَ الوسواسي القهري لا يستدعي الشعورَ بالخجل أو بالحرج منه، فهو حالةٌ صحيَّةٌ طويلة الأمد تشبه الإصابةَ بداء السكري أو بالربو، والإصابةُ به ليست ناجمةً عن خطأ الشخص المُصاب.
يُعدُّ طلبُ المساعدة ضروريَّاً، لأنَّه من غير المحتمل أن تتحسَّنَ الأعراضُ من دون علاج، بل ربَّما تتفاقم هذه الأعراض.
يجب مراجعةُ الطبيب عندَ الشكِّ بوجود إصابة بالاضطراب الوسواسي القهري. ويُحتملُ في البداية أن يقومَ الطبيبُ بطرح بعض الأسئلة المتعلِّقة بالأعراض، ومدى تأثيرها في الشخص.
وإذا اشتبه الطبيبُ بوجود الاضطراب الوسواسي القهري، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي لتقييم الحالة، ووصف العلاج المناسب.
معالجة الاضطراب الوسواسي القهري
يكون مآلُ الاضطراب الوسواسي القهري جيِّداً بعدَ معالجته، حيث إنَّ الكثيرَ من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يتعافون في نهاية الأمر، أو إنَّ شدَّةَ الأعراض التي يُعانون منها تنخفض بحيث يتمكَّن الشخصُ من الاستمتاع بنوعيةِ حياةٍ جيدة.
وفيما يلي عرضٌ لعلاجات الاضطراب الوسواسي القهري الرئيسية:
• المعالجة السلوكيَّة المعرفيَّة cognitive behavioural therapy (CBT): تنطوي على استعمال العلاج المعروف بالتعرُّض التدريجي مع الوقاية من ردَّة الفعل graded exposure with response prevention (ERP)، وهذا ما يُشجِّع على مواجهة الخوف ويسمح بحدوث الأفكار الوسواسية من دون "تحييدها أو تعديلها neutralising" بالتصرُّفات القهريَّة.
• مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs) : يمكن أن تساعدَ هذه الأدويةُ على تخفيف شدَّة الأعراض، من خلال تغيير توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
إذا لم تكن هذه العلاجاتُ فعَّالةً، أو كانت الإصابة شديدة، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي بالصحة التفسية لوصف العلاج المناسب.
الوسواس القهري (أو: الاضطراب الوسواسي القهري obsessive - compulsive) هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهريّة.
الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون، أحيانًا، واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها، لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر.
في المحصلة، فإن التصرفات القهرية هي، بالنسبة إليهم، إلزامية للتخفيف من الضائقة.، وقد يتمحور اضطراب الوسواس القهري، في أحيان متقاربة، في موضوع معيّن، كالخوف من عدوى الجراثيم، مثلا.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن الوسواس مرض يبتلي الله به من يشاء من عباده وقد يصاب به الصالحون. وهو على أنواع منه ما هو عملي ومنه ما هو اعتقادي. والوسواس القهري هو أفكار تتسلط على العبد وتحمله على تكرار التفكير أو الأفعال بشكل قهري وإذا لم يستجب لتلكم الأفكار والأفعال وينساق معها حصل له قلق شديد وتوتر نفسي لا يزول عنه إلا بالإستجابة لها.
و الأصل في سببه أنه من عمل الشيطان وقد يكون سببه مرض نفسي يتعلق بالجهاز العصبي. والشيطان يبدأ في وسواس العبد في الشيء اليسير في عبادته وعمله وسلوكه فإن استعاذ منه وامتنع عنه لم يتغلب عليه وإن استجاب له العبد وكان ضعيفا شدد عليه الشيطان وأكثر من وسواسه وتمكن منه حتى يشككه في دينه وربه ونبيه ويهجم على قلبه ويضعف عزيمته ويبطل عمله ويكون العبد له أسيرا . قال عثمان بن أبي العاص :" يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، و اتفل عن يسارك ثلاثاً ). قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني "رواه مسلم . وفي الغالب ينفذ الشيطان على العبد في حال غفلته وضعفه وخوره وفتنته بالدنيا وغير ذلك من أحوال ضعف البصيرة وقلة الإخلاص. قال الله تعالى ( مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ). وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه " ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب بن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس ". وقال ابن عباس في قوله ( الوسواس الخناس ) قال " الشيطان جاثم على قلب بن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس ".
والمراد بمرض الوسواس هو الذي يكون مسيطرا على تفكير العبد وسلوكه في سائر أحواله لا ينفك عنه. أما الوسوسة الطارئة و خاطرة السوء والهم بالمعصية الذي بعرض للعبد أحيانا فهذا لا يعد مرضا وأمره سهل بإذن الله تعالى. ولا يضر العبد ذلك ولا يحاسب عليه إذا طرده وتخلص منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) رواه البخاري.
كما أن الناس يتفاوتون أيضا في مرض الوسواس فمنهم من وسواسه خفيف و منهم متوسط ومنهم شديد. ومنهم من وسواسه في العبادات ومنهم من في الإعتقادات والعياذ بالله. و أحوال وقصص الموسوسين عجيبة ومحزنة في هذا الباب. جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون .
وعلاج الوسواس الذي سببه الشيطان يكمن في الأمور الآتية:
1- أن يعلم المبتلى بذلك أن ما أصابه مرض ابتلاه الله به لحكمة فيصبر على ذلك ويحتسب و يتعاطى الأسباب التي تخففه أو تمنعه بالكلية. قال تعالى ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ).
2- أن يكثر العبد من الإستعاذة بالله من شرور الشيطان وأن يلتجأ بالله ويعتصم به. قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ).
3- أن يطلب العون من الله ويحسن التوكل عليه. ويوقن أنه لا يمنعه من الشيطان ويقيه إلا الله. ومن استعان بالله على أحد من خلقه كفاه شره وعصمه ووقاه منه ويسر أمره. قال تعالى ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ). وقال تعالى ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ).
4- أن يكثر من الدعاء الصادق لا سيما في الأوقات والأماكن الفاضلة ويطرح بين يدي الله ويدعو دعوة المضطرين بخوف وإنابة وحسن ظن بالله. قال تعالى ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ).
5- إذا هجم الوسواس عليه قطع التفكير به ولم يستسلم وينقد له بل إشتغل بأمر آخر ديني أو دنيوي نافع. وينبغي له أن يملأ وقته ويومه بكثير من الأعمال والبرامج و لا يبقى فارغا يتسلط التفكير عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ) رواه مسلم .
6- إذا وجد ذلك في نفسه فليقل ( آمنت بالله ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ) رواه مسلم. و ليكثر من النظر في كتاب الله و دلائل الإيمان وأسماء الله وصفاته وأفعاله الجميلة والجليلة. ويتفكر في آيات الله الكونية. وقراءة الأحاديث النبوية وسماع كلام أهل الحق والحكمة ومجالس العلم. قال تعالى ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ).
7- أن يتحلى بالثقة بالله وقوة القلب والعزيمة ويوقن ضعف الشيطان وكيده. وليعلم أن ارتفاع معنوياته ومستواه النفسي له أثر عظيم و دور كبير بإذن الله في حصول علاجه وتخلصه من الوسواس. قال تعالى ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ). وقال تعالى ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ).
8- أن يكثر من ذكر الله والتدبر فيه خاصة الفاتحة والمعوذات وسورة البقرة. فإن لذكر الله أثر عظيم في اطمئنان القلب و طهارته وذهاب صدأه وقسوته ووحشته من الشبهات المحرقة والشهوات المظلمة. قال تعالى ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).
و إذا ثبت أن الوسواس ناشئ عن مرض نفسي فلا بأس في تعاطي العلاج النفسي و الإستعانة بالمختصين وغير ذلك من الأسباب النافعة مع تلاوة القرآن و الذكر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) رواه البخاري.
وإذا قاوم العبد الشيطان على وسواسه وجاهده على ذلك وصبر على بلائه كان مأجورا على ذلك ولم يؤاخذه الله بما حصل منه وكان ذلك دليلا على كمال إيمانه ونور بصيرته . وقد وقع ذلك للصحابة فعن حديث أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه. قالوا نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ) رواه مسلم. والمعنى أن حصول الوسواس في نفوسهم مع كراهتهم له ودفعه عن قلوبهم هو من صريح الإيمان وليس المراد أن الوسواس من صريح الإيمان.
و الشيطان حريص أشد الحرص على الهجوم على قلب المؤمن الحق والوسوسة فيه لإفساده وإذهاب نوره ولن يتمكن من ذلك بإذن الله ما دام العبد متحصن بذكر الله. أما الكافر والمنافق فالشيطان مستغن عن الوسوسة في قلبه ليس بحاجة إليه لأن قلبه مظلم بالكفر. فقد جاء الصحابة لابن عباس وقالوا إن اليهود يعيروننا بقولهم نخشع في صلاتنا ولا تخشعون في صلاتكم فقال ابن عباس: وماذا يفعل الشيطان بالبيت الخرب.
أسأل الله أن يقوي إيماننا وينور بصائرنا ويقينا من شرور الشيطان ويحفظنا من كيده ويشف من ابتلي بالوسواس من المؤمنين
الاضطرابُ الوسواس القهري obsessive compulsive disorder (OCD) هو حالةٌ صحية نفسيَّة يُعاني فيها الشخصُ من أفكار وسواسيَّة ومن نشاطٍ قهري.
الوَسواسُ obsession هو أفكارٌ مزعجة غير مرغوب فيها، حيث تسيطر صورةٌ أو رغبة مُلحَّة على عقل الشخص بشكلٍ متكرِّر، ممَّا يؤدِّي إلى شعوره بالقلق أو بالاشمئزاز أو بالاضطراب.
أمَّا السلوكُ القهري compulsion فهو تكرار القيام بعملٍ سلوكي أو نفسي يشعر الشخصُ أنَّه محتاجٌ للقيام به، في محاولةٍ للتخفيف المؤقَّت من مشاعر الانزعاج الناجمة عن الوسواس؛ فمثلاً، قد يشعر الشخصُ، الذي يخشى من تعرُّض منزله للسرقة، بضرورة التأكُّد من إغلاق جميع النوافذ والأبواب عدَّة مرات قبلَ مغادرة المنزل.
يمكن أن تتراوحَ أعراضُ الاضطراب الوسواسي القهري بين المتوسِّطة والشديدة؛ فقد يُعاني بعضُ الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب من التفكير الوسواسي والسلوك القهري حوالى ساعةٍ يومياً، بينما قد تسيطر هذه الحالةُ على حياة البعض الآخر بشكلٍ كامل.
أسباب الاضطراب الوسواسي القهري
ما زال السببُ الدقيق للاضطراب الوسواسي القهري مجهولاً، إلاَّ أنَّه توجد عدَّةُ عوامل مقترحة قد تكون السببَ في الإصابة بهذا الاضطراب.
فقد تنتقل هذه الحالةُ وراثيَّاً في بعض الحالات، حيث إنَّها قد ترتبط بجيناتٍ وراثيَّةٍ معيَّنة تؤثِّر في تخلُّق الدماغ.
لقد توصَّلت دراساتٌ لصور الدماغ أنَّه قد يكون هناك اختلافٌ بين أدمغة بعض الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري وأدمغة الأشخاص الأصحَّاء؛ فمثلاً، قد يكون هناك نشاطٌ زائدٌ في مناطق معيَّنة من الدماغ، وخصوصاً المناطق التي تتعامل مع الانفعالات القوية وردَّات الفعل تجاهها.
كما أظهرت الدراساتُ وجودَ عدم توازن في مادة السِّيروتونين serotonin في دماغ الأشخاص المصابين بالاضطراب الوسواسي القهري أيضاً. والسِّيروتونين هو مادةٌ كيميائية يستعملها الدماغُ لنقل المعلومات من خليةٍ دماغيَّةٍ إلى أخرى.
الأشخاص المُعرَّضون للإصابة بالاضطراب الوسواسي القهري
يمكن أن يُصابَ الرجالُ والنساء والأطفال بهذا الاضطراب. وتكون بدايةُ المعاناة من الحالة في بداية مرحلة البلوغ، حيث تبدأ في التأثير في الحياة بشكلٍ كبيرٍ عادةً، رغم أنَّ المشاكل قد تحدث في أيِّ عمر.
الحصول على المساعدة
يتردَّد الأشخاصُ المصابون بالاضطراب الوسواسي القهري كثيراً في طلب المساعدة، لأنَّهم يشعرون بالخجل أو بالحرج؛ إلاَّ أنَّ الاضطرابَ الوسواسي القهري لا يستدعي الشعورَ بالخجل أو بالحرج منه، فهو حالةٌ صحيَّةٌ طويلة الأمد تشبه الإصابةَ بداء السكري أو بالربو، والإصابةُ به ليست ناجمةً عن خطأ الشخص المُصاب.
يُعدُّ طلبُ المساعدة ضروريَّاً، لأنَّه من غير المحتمل أن تتحسَّنَ الأعراضُ من دون علاج، بل ربَّما تتفاقم هذه الأعراض.
يجب مراجعةُ الطبيب عندَ الشكِّ بوجود إصابة بالاضطراب الوسواسي القهري. ويُحتملُ في البداية أن يقومَ الطبيبُ بطرح بعض الأسئلة المتعلِّقة بالأعراض، ومدى تأثيرها في الشخص.
وإذا اشتبه الطبيبُ بوجود الاضطراب الوسواسي القهري، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي لتقييم الحالة، ووصف العلاج المناسب.
معالجة الاضطراب الوسواسي القهري
يكون مآلُ الاضطراب الوسواسي القهري جيِّداً بعدَ معالجته، حيث إنَّ الكثيرَ من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يتعافون في نهاية الأمر، أو إنَّ شدَّةَ الأعراض التي يُعانون منها تنخفض بحيث يتمكَّن الشخصُ من الاستمتاع بنوعيةِ حياةٍ جيدة.
وفيما يلي عرضٌ لعلاجات الاضطراب الوسواسي القهري الرئيسية:
• المعالجة السلوكيَّة المعرفيَّة cognitive behavioural therapy (CBT): تنطوي على استعمال العلاج المعروف بالتعرُّض التدريجي مع الوقاية من ردَّة الفعل graded exposure with response prevention (ERP)، وهذا ما يُشجِّع على مواجهة الخوف ويسمح بحدوث الأفكار الوسواسية من دون "تحييدها أو تعديلها neutralising" بالتصرُّفات القهريَّة.
• مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs) : يمكن أن تساعدَ هذه الأدويةُ على تخفيف شدَّة الأعراض، من خلال تغيير توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
إذا لم تكن هذه العلاجاتُ فعَّالةً، أو كانت الإصابة شديدة، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي بالصحة التفسية لوصف العلاج المناسب.
الوسواس القهري (أو: الاضطراب الوسواسي القهري obsessive - compulsive) هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهريّة.
الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون، أحيانًا، واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها، لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر.
في المحصلة، فإن التصرفات القهرية هي، بالنسبة إليهم، إلزامية للتخفيف من الضائقة.، وقد يتمحور اضطراب الوسواس القهري، في أحيان متقاربة، في موضوع معيّن، كالخوف من عدوى الجراثيم، مثلا.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن الوسواس مرض يبتلي الله به من يشاء من عباده وقد يصاب به الصالحون. وهو على أنواع منه ما هو عملي ومنه ما هو اعتقادي. والوسواس القهري هو أفكار تتسلط على العبد وتحمله على تكرار التفكير أو الأفعال بشكل قهري وإذا لم يستجب لتلكم الأفكار والأفعال وينساق معها حصل له قلق شديد وتوتر نفسي لا يزول عنه إلا بالإستجابة لها.
و الأصل في سببه أنه من عمل الشيطان وقد يكون سببه مرض نفسي يتعلق بالجهاز العصبي. والشيطان يبدأ في وسواس العبد في الشيء اليسير في عبادته وعمله وسلوكه فإن استعاذ منه وامتنع عنه لم يتغلب عليه وإن استجاب له العبد وكان ضعيفا شدد عليه الشيطان وأكثر من وسواسه وتمكن منه حتى يشككه في دينه وربه ونبيه ويهجم على قلبه ويضعف عزيمته ويبطل عمله ويكون العبد له أسيرا . قال عثمان بن أبي العاص :" يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، و اتفل عن يسارك ثلاثاً ). قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني "رواه مسلم . وفي الغالب ينفذ الشيطان على العبد في حال غفلته وضعفه وخوره وفتنته بالدنيا وغير ذلك من أحوال ضعف البصيرة وقلة الإخلاص. قال الله تعالى ( مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ). وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه " ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب بن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس ". وقال ابن عباس في قوله ( الوسواس الخناس ) قال " الشيطان جاثم على قلب بن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس ".
والمراد بمرض الوسواس هو الذي يكون مسيطرا على تفكير العبد وسلوكه في سائر أحواله لا ينفك عنه. أما الوسوسة الطارئة و خاطرة السوء والهم بالمعصية الذي بعرض للعبد أحيانا فهذا لا يعد مرضا وأمره سهل بإذن الله تعالى. ولا يضر العبد ذلك ولا يحاسب عليه إذا طرده وتخلص منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) رواه البخاري.
كما أن الناس يتفاوتون أيضا في مرض الوسواس فمنهم من وسواسه خفيف و منهم متوسط ومنهم شديد. ومنهم من وسواسه في العبادات ومنهم من في الإعتقادات والعياذ بالله. و أحوال وقصص الموسوسين عجيبة ومحزنة في هذا الباب. جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون .
وعلاج الوسواس الذي سببه الشيطان يكمن في الأمور الآتية:
1- أن يعلم المبتلى بذلك أن ما أصابه مرض ابتلاه الله به لحكمة فيصبر على ذلك ويحتسب و يتعاطى الأسباب التي تخففه أو تمنعه بالكلية. قال تعالى ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ).
2- أن يكثر العبد من الإستعاذة بالله من شرور الشيطان وأن يلتجأ بالله ويعتصم به. قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ).
3- أن يطلب العون من الله ويحسن التوكل عليه. ويوقن أنه لا يمنعه من الشيطان ويقيه إلا الله. ومن استعان بالله على أحد من خلقه كفاه شره وعصمه ووقاه منه ويسر أمره. قال تعالى ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ). وقال تعالى ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ).
4- أن يكثر من الدعاء الصادق لا سيما في الأوقات والأماكن الفاضلة ويطرح بين يدي الله ويدعو دعوة المضطرين بخوف وإنابة وحسن ظن بالله. قال تعالى ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ).
5- إذا هجم الوسواس عليه قطع التفكير به ولم يستسلم وينقد له بل إشتغل بأمر آخر ديني أو دنيوي نافع. وينبغي له أن يملأ وقته ويومه بكثير من الأعمال والبرامج و لا يبقى فارغا يتسلط التفكير عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ) رواه مسلم .
6- إذا وجد ذلك في نفسه فليقل ( آمنت بالله ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ) رواه مسلم. و ليكثر من النظر في كتاب الله و دلائل الإيمان وأسماء الله وصفاته وأفعاله الجميلة والجليلة. ويتفكر في آيات الله الكونية. وقراءة الأحاديث النبوية وسماع كلام أهل الحق والحكمة ومجالس العلم. قال تعالى ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ).
7- أن يتحلى بالثقة بالله وقوة القلب والعزيمة ويوقن ضعف الشيطان وكيده. وليعلم أن ارتفاع معنوياته ومستواه النفسي له أثر عظيم و دور كبير بإذن الله في حصول علاجه وتخلصه من الوسواس. قال تعالى ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ). وقال تعالى ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ).
8- أن يكثر من ذكر الله والتدبر فيه خاصة الفاتحة والمعوذات وسورة البقرة. فإن لذكر الله أثر عظيم في اطمئنان القلب و طهارته وذهاب صدأه وقسوته ووحشته من الشبهات المحرقة والشهوات المظلمة. قال تعالى ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).
و إذا ثبت أن الوسواس ناشئ عن مرض نفسي فلا بأس في تعاطي العلاج النفسي و الإستعانة بالمختصين وغير ذلك من الأسباب النافعة مع تلاوة القرآن و الذكر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) رواه البخاري.
وإذا قاوم العبد الشيطان على وسواسه وجاهده على ذلك وصبر على بلائه كان مأجورا على ذلك ولم يؤاخذه الله بما حصل منه وكان ذلك دليلا على كمال إيمانه ونور بصيرته . وقد وقع ذلك للصحابة فعن حديث أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه. قالوا نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ) رواه مسلم. والمعنى أن حصول الوسواس في نفوسهم مع كراهتهم له ودفعه عن قلوبهم هو من صريح الإيمان وليس المراد أن الوسواس من صريح الإيمان.
و الشيطان حريص أشد الحرص على الهجوم على قلب المؤمن الحق والوسوسة فيه لإفساده وإذهاب نوره ولن يتمكن من ذلك بإذن الله ما دام العبد متحصن بذكر الله. أما الكافر والمنافق فالشيطان مستغن عن الوسوسة في قلبه ليس بحاجة إليه لأن قلبه مظلم بالكفر. فقد جاء الصحابة لابن عباس وقالوا إن اليهود يعيروننا بقولهم نخشع في صلاتنا ولا تخشعون في صلاتكم فقال ابن عباس: وماذا يفعل الشيطان بالبيت الخرب.
أسأل الله أن يقوي إيماننا وينور بصائرنا ويقينا من شرور الشيطان ويحفظنا من كيده ويشف من ابتلي بالوسواس من المؤمنين
هناك مقدمتان مهمتان في سبيل الخلاص من الوساوس والخطرات التي إنما هي نزغات من نزغات الشيطان ومكائده .
المقدمة الأولى : مقدمة علمية ( الخطوة الأولى في العلاج )
المقدمة الثانية : مقدمة تطبيقية ( الخطوة العملية في العلاج ) .
المقدمة الأولى :
تتلخص في نقاط :
1 - : حياة القلب ومادّته .
فإن حياة القلب وإشراقه مادة كل خير فيه ، وموته وظلمته مادة كل شر فيه .
وإن حياة القلب وصحته لا تحصل إلا بـ :
- إدراكه للحق . لأن الجهل بوابة الفساد والعطب ، فحين لا يدرك الحق فإنه حتما سيحويه الباطل ولابد .
- إرادته له . فإنه حين يدرك الحق ويعلمه لكنه غير مريد له فأنى له أن يحيا ؟!
- إيثاره على غيره . وحين يدركه ويريده لكنه يؤثر هواه ونفسه الأمارة بالسوء على هذا الحق فإنه كالمتخبط في ظلمات التيه !!
فصار مدار ذلك كله ومرجعه إلى الحق الذي هو الروح ، ولن يجد القلب له أماناً ولا قرارا ولا اطمئناناً إلا حين تسري فيه الروح ، وأعني بالروح روح الوحي الذي قال الله تعالى فيه : " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " سورة الشورى .
فأخبر تعالى أن هذا القرآن إنما هو الروح والنور والهدى ، وكل هذا - أعني الروح والنور والهدى - مادة الحياة الحقيقية وآية السعادة والإطمئنان .
عُلم من هذا أن شفاء القلب وصلاحه وحياته إنما يكون من معين القرآن ومن منبع الوحي العذب الرويّ .
2 - : فساد القلب وشقاؤه .
أمّأ فساد القلب وشقاؤه إنما يكون بـ :
- بالجهل .
- والغفلة .
- واتباع الهوى .
فبقدر هل العبد بربه بقدر ما يشقى القلب ويتعس لبعده عن مادة الحياة .
وحين يبعد القلب عن الله وعن مادة الحياة التي تحييه تتسلط عليه الشياطين بأنواع المكائد والوسوسة ، لأن الشيطان يخنس ويبعد عن القلوب الحية الذاكرة لله جل وتعالى ، ويستقر ويتسلّط على القلوب التي بعدة عن الله جل وتعالى .
وإن أعظم ما يتسلّط به الشيطان على قلوب بني آدم إنما يكون بسلاح ( الوسوسة ) .
3 - : الوسوسة وسلطة الشيطان . والوسوسة : حديث النفس والصوت الخفي .
وهي مكيدة الشيطان ( الوسواس الخناس ) !
فإنه يخلط الأمور ببعضها حتى ما يكاد تبين وجه الحق فيها إلا لمن عصمه الله تعالى من كيده ووسوسته .
إن إدارك تسلّط الشيطان ونزغاته ووساوسه ومعرفة حقيقة الشيطان وطبيعته ليولّد عند المرء وعياً يعينه على إدراك طبيعة النزغات الشيطانية والموقف الصحيح منها .
وإن المتأمل لآيات القرآن يجد شدة عنايته بالتحذير من مكيدة الشيطان وشركه أكثر من تحذيره من النفس والهوى .
لأن شر النفس وفسادها ينشأ من وسوسته فهي مركبه وموضع شره ومحل طاعته .
ويمكن أن نلخص طبيعة عمل الشيطان في إشارات مهمة ينبغي إدراكها :
- وجوده .
قد أخبر الله تعالى بوجود إبليس ، وان وجوده إنما هو وجود فتنة وإضلال لبني آدم .
قال تعالى : " وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ "
وقال في ابليس : " قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ "
- ترصّده .
إن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهمّ بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ حتى يقطعه ، في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن شيطانا تفلّت عليّ البارحة فأراد أن يقطع صلاتي " !
وكلما كان العمل أنفع للعبد وأحب إلى الله كان اعتراض الشيطان له أكثر .
جاء في المسند من جديث سبرة بن أبي الفاكة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرافه ، فقعد له بطريق الإسلام فقال : أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وأباء آبائك !!
فعصاه فأسلم ، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتذر أرضك وسماءك ؟
وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطِّوَل ، فعصاه وهاجر .
ثم قعد له بطريق الجهاد فقال : تقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويُقسم المال ؟
قال : فعصاه فجاهد " .
فالشيطان للعبد المؤمن بالرصد والمرصاد مصداق قول الله تعالى فيه : " ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ " الأعراف .
- حقيقة سلطانه .
قد أخبر الله تعالى عن إبليس أنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا فقال : " إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "
فنفى جل وتعالى سلطانه عن من اتصف بصفتين :
- الإيمان . ( آمنوا )
- العمل . ( وعلى ربهم يتوكلون ) .
والسلطان سلطان الحجة والبرهان ، وابليس ليس له حجة ولا برهان على مكائده ووسوسته إنما سلطانه بالإغواء والوسوسة .
هذا هو سلطانه كما فسره حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما .
وإنما سلطان إبليس على الذين يتولونه ، قال تعالى : " إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ "
فبيّنت هذه الآية أصناف من يتسلّط عليهم ابليس :
- الذين يتولّونه : باتباع الهوى والاستجابة لداعيه والغفلة عن ذكر الله .
- الذين هم به مشركون : وهم طائفة أشد ضلالا ممن قبلهم .
المقصود أن حقيقة سلطان إبليس إنما هي سلطة إغواء ونزغ لا سلطة حجة وبرهان .
وهذه السلطة سلطة ضعيفة في حقيقتها كما أخبر الله تعالى بقوله : " إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا "
4 - : الشعور بضرورة العلاج . وإدراك أن هذه الوسوسة إنما هي كيد الشيطان ونزغاته .
فإن هذاالإدراك هو بداية الطريق في صدّ هذا الكيد ودفعه ، فإن الإنسان حين لا يدرك أن هذا من كيد الشيطان ووسوسته فإنه لا يزال به حتى يصرعه أسيرا للوسوسة والتزيين والإغواء والإغراء .
5 - الوسواس القهري كمرض ( عقلي أو نفسي ) .
هو من الأمراض النفسية العصابية (Neurosis) ، وهو من الأمراض التي تختلف فيها وجهات نظر العلماء المختصين في هذا المجال فبعضهم ينظر له بأنه حالة دفاع لا شعوري ضد الأمراض العقلية ( الذهانية Psychosis ) .
فيما يرى آخرون أنه مرض نفسي عصابي ولا يتحول إلى مرض عقلي إلا إذا كانت الشخصية مهيئة أساساً بالاستعداد للإصابة بالذهان .
* الصفات التي تتصف بها الشخصية المهيئة للإصابة بالوسواس (الشخصية الوسواسية ) :
1 - العناد .
2 - حب الروتين الزائد والتدقيق .
3 - شدة تأنيب الضمير .
4 - شخصية جافة عابسة لا تعطي للنفس فرصة للترفيه والمرونة والخروج بها عن المألوف والروتين المعتاد .
5 - يغيب عنه الشعور بالأمان .
6 - لا يعرف التصرف في الأحداث الطارئة والمفاجئة رغم أن ذكائهم غالباً فوق المتوسط .
7 - كثيرا ما يكون في أعمار المراهقة ما بين 17 - 27 تقريباً .
* أهم صفات هذا الوسواس ( القهري ) :
أنه يتميز الوسواس القهري بوجود وساوس معينة في ذهن المريض رغماً عنه، وهي عادة ما تكون غير سارة وملازمة للمريض وتحمل الهم والغم، ورغم قدرة المريض على التعرف عليها وعلى وعيه بأنها تافهة وخاطئة إلا أنه لا يستطيع إيقافها، وكلما حاول مقاومتها تزداد معه أكثر ومن هنا تأتي معاناته العميقة فهو يعلم ويدرك عدم صحة أفكاره ( على العكس من المريض الذهاني الذي يقتنع ويقنع الآخرين بصحة اعتقاده )
ويحاول المريض جاهداً أن يهمل أو يكبت هذه الافكار والرغبات والخيالات أو يحاول أن يعادلها بافكار ورغبات أو احياناً أفعال مضادة.
وهو ما يترتب عليه معاناة نفسية واجتماعية حادة.
* مظاهر الوسواس القهري :
يتخذ الوسواس القهري صورا ومظاهر أهمها :
1- وسواس الأفكار .
سيطرة فكرة معينة على ذهن المريض وغالباً ما تكون فكرة غير مقبولة .
2 - وساوس الصور .
سيطرة صور معينة على ذهن المريض بشكل مستمر أو متكرر وغالباً ما تكون صور عنيفة حوادث سيارات، جثث، قتل، دماء، تعفنات .. ورغم علم المريض بعدم وجودها إلا أنها تطارده في كل الأوقات .
3 - وساوس الاجترار .
تسيطر على المريض أسئلة متكررة لا يستطيع الإجابة عنها كسيطرة (خلقنا الله إذن من خلق الله ؟ ) .. وهكذا .
4 - وساوس الاندفاعات .
وهي اندفاعات قهرية تسيطر على المريض فيشعر برغبة جامحة أو اندفاع ما نحو القيام بأعمال لا يرض عنها ويحاول مقاومتها إلا أنها تسيطر عليه بإلحاح وقوة، كالقفز من النافذة، أو من السطح العالي أو من البحر ، أو نحو ذلك .
5 - وساوس الطقوس الحركية .
وهي من أكثر الأعراض الوسواسية شيوعاً وهي القيام بحركات مستمرة متكررة نتيجة رغبة جامحة تسطير على المريض للقيام بهذه الطقوس ظناً منه أنها ستخلصه من إلحاح أفكاره المسيطرة عليه، فمثلاً قد يعتقد أن يديه ملونة فيبدأ في غسلها بالماء والصابون عدة مرات ويعود ويغسلها مرة أخرى، أو استغراقه لوقت طويل في الحمام ( ليتوضأ للعصر يحتاج ساعة أو أكثر ) .
* أسباب هذا المرض السلوكي .
أهل الاختصاص في علم النفس لا يذكرون له سببا جوهرياً معيناً عليه مداره ، لكنهم يتفقون في بعض الأسباب المهمة من مثل :
1 - العامل الوراثي .
بعض النسب وصلت إلى 87 % في التوائم المتشابهة . و 47 % في التوائم غير المتشابهة .
2 - بعض الأسباب البيئية . . وهي تتداخل نوعا ما مع العامل الوراثي ، من مثل :
- قسوة الرقابة الذاتية على النفس .
- العلاقات المحدودة للأباء وعدم إتاحة الفرصة للأبناء والحرمان من التعبير والمبالغة في الحرص الشديد .
- افتقاد الأمان النفسي وخاصة بسبب الطلاق العاطفي داخل الأسرة وغياب الحوار والصراحة بين أفراد الأسرة الواحدة.
- الأحقاد والميول العدائية المكبوتة المغذية للشعور بالذنب والخطيئة .
- تأنيب الضمير والصراع النفسي المصاحب لممارسة العادة السرية .
- الأسرة المسيطرة على زمام الأمور في كل كبيرة وصغيرة في حياة الأطفال دون تقدير للطفل وحياته ومفهومه عن ذاته ودون أدنى اعتبار لطفولته البريئة ذات العالم الخاص المليء بالخصوصية .
هذه جملة من الأسباب يشير إليها متخصصوا الطب النفسي في محاولة لاحتواء مثل هذا المرض السلوكي .
المقدمة الثانية :
وهي مقدمة عملية تطبيقية في سبيل الخلاص من الوسواس .
وهي مقدمة مرتبطة ارتباطا وثيقا بسابقتها ، وتتلخص هذه المقدمة في نقاط مهمة :
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم . وهذه الإستعاذة - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - إنما تبلغ أثرها حين تكون على اعتقاد جازم بمعانيها .
فإن العوذ اللجأ إلى الشيء والإقتراب إليه .
ومن استعاذ بالله اعتصم به ولجأ إليه ، فأي كيد يصله وهو يعتقد اعتقادا جازما أنه معتصم بالله الذي هو رب كل شيء ومليكه .
والله جل وتعالى يقول : " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
فهو سميع يسمع استعاذتك فيجيبك .
عليم : يعلم ما تستعيذ منه فيدفعه عنك .
- العلم .
فإن العلم يدفع عن المؤمن الشبهة ويكبت الشهوة إلا فيما أحل الله تعالى .
إذا علمنا أن سلطان الشيطان إنما هو سلطان نزغ وإغواء لا سلطان حجة وبرهان وأنه قد يأتي للعبد من هذه الجهة على أن ما يمليه عليه حجة برهان وعلم بل ويفتح له آفاق الدليل من الكتاب والسنة يلبّسها عليه حتى ليحسبها الحيران حقاً وحجة وبرهانا وإنما هي كيد ووسوسة .
فصار طلب العلم والإخلاص فيه سببا من أسباب دفع الوسواس ودحضه .
- المداومة على أذكار الصباح والمساء وخاصة ( المعوذات ) .
فإن الذكر هو الحصن الحصين من الشيطان الرجيم .
- قطع الاسترسال .
فلا يسترسل المؤمنة أو المؤمنة مع حبائل الشيطان ومكائده وخواطره وهواجسه .
فإن الشيطان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يأتي للعبد فيسأله من خلقك فيسترسل معه حتى يقول له : من خلق الله ؟؟!!
وعلاج هذا قطع الاسترسال وعدم الاستجابة لهذا الوسواس سدّا للذريعة وصيانة للنفس من أن يتسلّط عليها الشيطان بوسوسته .
- صحبة الأخيار .
فإن في صحبتهم عوناً ورشاداً ونصحا وتوجيهاً ، وتبصيرا وتثبيتاً .
فعض عليهم بالنواجذ ، فإنهم نجوم يهتدى بها ، وفيءٌ في الرمضاء ، ونسيم السحر وعبيره .
- كثرة الدعاء واللجأ إلى الله تعالى ، فإن الله هو الذي يقدّر البلاء وهو الذي يدفعه .
- المجاهدة والمصابرة .
- كثرة قراءة القرآن الكريم مع التدبر وفهم معانيه .
- العلاج الدوائي .
ينقسم علاج الوسواس القهري الى قسمين ، علاج دوائي وعلاج نفسي . مع العلم بأن التزواج بين العقاقير الطبية، الأدوية المضادة للوسواس القهري وطرق العلاج النفسية الخاصة بعلاج الوسواس القهري هما أنجح لعلاج اضطراب الوسواس القهري خاصة اذا استطاع المعالج أن يختار الدواء المناسب وبالجرعة المناسبة ،لأن هناك فروقات فردية بين الناس في تقبل العلاج الدوائي وكذلك الجرعة المناسبة لكل فرد على حده.
العلاج النفسي يكمن في المقدمة الأولى ( التشخيص ) . وفي جزء من المقدمة الثانية بالعلاج عن طريق الأوراد والأذكار الشرعية وحصول اليقين بها .
العلاج الدوائي ( المخبري ) .
في حال الاضطرار إليه هناك بعض الأدوية يصرفها أطباء النفس لمن يعانون من هذا الوسواس القهري ، من مثل :
- دواء الكلوميبرامين (اسمه التجاري في المملكة العربية السعودية هو الانفافرانيل ) وهو من الأدوية ثلاثية الحلقات المضادة للاكتئاب .وبعد ذلك تم اكتشاف بعض الأدوية المضادة للاكتئاب ولها مفعول جيد على الوسواس القهري، خاصة بعد ظهور الادوية المعروفة بمثبطات إعادة مادة السيروكسات وهي من أهم الادوية الحديثة في علاج الوسواس القهري وقد يحتاج المريض الى جرعات أعلى في علاج الوسواس القهري عنه في علاج الاكتئاب.
- دواء (بروزاك ـ وسبرام) .
يعمل على إعادة توازن بعض النواقل العصبية الحيوية في الجهاز العصبي .
على أنه ينبغي عدم استخدام هذه الأدوية إلا عن طريق طبيب مختص في ذلك وبجرعات محددة يحددها الطبيب في ذلك .
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين وادفع عنّأ كيد الكائدين ونعوذ بعزتك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه .
والحمد لله رب العالمين .وفيما يلي عرضٌ لعلاجات الاضطراب الوسواسي القهري الرئيسية:
• المعالجة السلوكيَّة المعرفيَّة cognitive behavioural therapy (CBT): تنطوي على استعمال العلاج المعروف بالتعرُّض التدريجي مع الوقاية من ردَّة الفعل graded exposure with response prevention (ERP)، وهذا ما يُشجِّع على مواجهة الخوف ويسمح بحدوث الأفكار الوسواسية من دون "تحييدها أو تعديلها neutralising" بالتصرُّفات القهريَّة.
• مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs) : يمكن أن تساعدَ هذه الأدويةُ على تخفيف شدَّة الأعراض، من خلال تغيير توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
إذا لم تكن هذه العلاجاتُ فعَّالةً، أو كانت الإصابة شديدة، فقد يكون من الضروري تحويلُ الحالة إلى طبيبٍ اختصاصي بالصحة التفسية لوصف العلاج المناسب.